أطواق النجاة (الُمُسكّنات)




مقدّمة

تمتلك الغالبية العُظمى من الكائنات الحيّة جهازًا عصبيًا (أو ما يُشبه ذلك في بعض الكائنات البدائية) مُتمثّلًا في أعصاب متنوعة الطول والشكل والوظيفة، ولكن تبقى وظيفتها الأساسية نقل الإشارات أو النبضات العصبية لتنبيه عضو ما بحدث أو خلل، وفي معظم الأحيان يأتي التنبيه في شكل ألم يتم الشعور به في منطقة معيّنة، ويبقى الألم اللّغّة المفهومة التي يتواصل بها دماغنا معنا لتحذيرنا من مشكلة قادمة ولكننا غالبًا ما نتجاهل هذا التحذير ونلجأ لأطواق النجاة الموجودة في كل مكان تقريبًا وهي المُسكّنات.  لمعرفة ما تفعله المسّكنات في أجسادنا كي نشعر بالراحة يجب أولًا معرفة مفهوم الألم وتأثيره على الجسد.


مفهوم الألم

يُعد الألم من العناصر النفسيّة والجسديّة لتواجد الانسان، ولكن الطرق التي نستقبل بها الألم ونتعامل معه تختلف من شخص لأخر،  ومن مكان لأخر. تم وضع العديد من النظريات للألم وكيفية نشأته ولكن المفهوم الطبّي لفسيولوجيّة الألم تم وضعه مؤخرًا في أوائل القرن 19 ويُمكن تلخيص فسيولوجيّة الألم في النقاط الآتية:

1- في معظم الأحيان يأتي الألم مصاحبًا لتلف بالأنسجة.

2- لا تمتلك كل الأنسجة الحساسية لنفس نوع الإصابة فبينما يمتلك الجلد حساسية كبيرة من الحرق أو القطع مهما كانت المسبّبات قد تتعرض الأعضاء الداخلية (الأحشاء) للقطع دون استشعار أي ألم.

3- بعض الأعضاء لا تمتلك أي استشعار للألم أيًّا كان المحفّز المُسّلط عليها كالكبد liver وحويصلات الرئة alveoli of lungs.

4- تتواجد مُستقبلات الألم pain receptors في الجلد والعديد من الأنسجة الأخري على هيئة ألياف عصبية nerve fibers حيث يبدأ الشعور بالألم حين استثارتها بإحدى الطرق التالية:

• ميكانيكيًا mechanical 

• حراريًا thermal

• كيميائيًا chemical

تستجيب كل النهايات العصبية لكل من تلك المُحفزات بشكل عام، وبعض النهايات تستجيب لنوع واحد من المُحفزات.

5- لاستثارة مُستقبلات الألم يُفرز الجسم العديد من المواد الكيميائية منها:

سيروتونين  serotonin

براديكاينين  bradykinin

هيستامين  Histamine

وعلى غرار المواد السابقة تُفرز الخلايا بعض (الأحماض الدُهنية fatty acids) وتعرف ب(البروستاجلاندين-prostaglandins) وقت الالتهاب حيث ترفع نسبة الألم عن طريق زيادة الحساسية لدى النهايات العصبيّة.


تخفيف الألم

الألم له نوعان من حيث السبب: جسدي ونفسي. ومما أكّدته العديد من التجارب السريرية أن النوعين متّصلان ببعضهما البعض وإن كان لكل نوع مسبباته وعلاجه، فقد نجد أحدهما دون الأخر ومن هنا يتأتى الغرض الأساسي للمسُكّنات فإن ركّزنا على الألم الجسدي نجد أن  الألم الحاد acute pain هو الأسهل في التحكّم ففي أغلب الأحيان يكون المُسكّن الفعّال للألم هو الراحة، ولكن الأصعب في العلاج والتشخيص هو  الألم المزمن chronic pain  الّذي ينشأ من مرض لم تتم معالجته ومن هنا ينشأ الألم النفسي الّذي يسبب العديد من الأعراض لدى المريض منها القلق و صعوبة النوم. 


أنواع مُسكّنات الألم

هناك نوعين من مُسكنات الألم وغالبًا ما تُصرف هذه الأدوية دون وصفة طبّية، وقد يرجع ذلك لتعدد استخداماتها وفعاليتها الملحوظة في وقت قصير. تندرج مُسكّنات الألم تحت إحدى الفئتين التاليتين:

1- أسيتامينوفين (تايلينول).

2- مضادات الالتهاب اللاستيرويدية منها "ايبوبروفين" (موترين - أدفيل) أو" نابروكسين" (أليف - نابروسين).

يمتلك كلا النوعين القدرة على التخفيف من الألم الّذي ينتج عن العضلات، ولكن ينفرد النوع الثاني بخاصية مضادة للإلتهاب الّذي يظهر غالبًا على هيئة تورّم و هياج. يعمل كلا النوعين على تخفيف حدة الألم ولكن بطُرُق مُختلفة، فتقوم مضادات الإلتهاب اللاستيرويدية بخفض إنتاج ال"بروستاجلاندينات" وهي مواد شبيهة بالهُرمونات وتُسبّب الاحساس بالألم. أما ال "أسيتامينوفين" فيعمل على تعطيل أجزاء معينة في الدماغ مسؤولة عن استقبال "رسائل الألم". 




المصادر





Post a Comment

0 Comments